كشفت وكالة موديز ان ربحية سوق التأمين السعودي شهدت تقلباتٍ على مر الزمن، حيث أدت الضغوط التنافسية إلى تغييراتٍ متكررة في دورة التسعير بالنسبة للعديد من شركات التأمين، يُعدّ تخفيض الأسعار أداةً رئيسيةً لكسب حصةٍ سوقية، مما يؤدي إلى تقلب ربحية القطاع. بعد الأداء القوي في عامي 2023 و2024، والذي نتج عن ارتفاع الأسعار في عام 2022، يواجه القطاع مرةً أخرى ربحيةً أضعف في عام 2025. متوقعة أن يتحسن هذا الوضع مع عودة شركات التأمين إلى تسعيرٍ واكتتابٍ أكثر انضباطًا. تُبرز هذه الدورة المكثفة عدم نضج السوق نسبيًا، حيث تسعى العديد من شركات التأمين الأصغر حجمًا إلى بناء حجمٍ وحصّةٍ سوقية.
وأضافت على الرغم من ارتفاع الإيرادات، انخفض صافي الربح المُجمّع لقطاع التأمين السعودي إلى 1.3 مليار ريال (345 مليون دولار) في النصف الأول من عام 2025، بانخفاضٍ قدره 40% على أساسٍ سنوي، من بين شركات التأمين الخمس والعشرين المدرجة في بورصة البلاد، أفادت 72% منها بانخفاض أرباحها في النصف الأول من عام 2025. وانخفض متوسط نسبة التشغيل المجمعة، المقاسة بالتكاليف والمطالبات كنسبة مئوية من أقساط التأمين، إلى 96% من 94% في الفترة نفسها من العام السابق.
ومع ذلك، شهدت أكبر خمس شركات من حيث إيرادات التأمين انخفاضًا في صافي الأرباح بنسبة 14% فقط في المتوسط، على عكس متوسط الانخفاض الذي شهدته بقية السوق بنسبة 152%. ويؤكد هذا التفاوت على مرونة شركات التأمين الأكبر حجمًا والأفضل رأسمالًا.
ويعكس انخفاض صافي الربح بشكل رئيسي ضعف الأسعار المستمر في خطوط تأمين السيارات والتأمين الطبي المهيمنة. وعلى الرغم من ارتفاع الأسعار خلال العامين الماضيين مع استئناف النشاط الاقتصادي بعد الجائحة، إلا أن المنافسة الشديدة أعاقت شركات التأمين، وخاصةً الصغيرة منها، من تطبيق زيادات أسعار كافية لتغطية المطالبات والتكاليف. ويتفاقم هذا التحدي بسبب مواقع مقارنة الأسعار التي، على الرغم من أنها تعزز المبيعات، تدفع العملاء نحو الخيارات الأقل سعرًا، مما يؤدي إلى حروب أسعار واكتتاب مخاطر أقل جودة. بالإضافة إلى ذلك، يواجه القطاع نفقات استثمارية رقمية عالية ونفقات امتثال تنظيمي، وكلاهما يؤثر سلبًا على الربحية. وفي النصف الأول من عام 2025، انكمش دخل الاستثمار بنسبة 11%، مما زاد من تفاقم انخفاض الربحية. يُعد هذا الانكماش ملحوظًا بالنظر إلى أن دخل الاستثمار شكّل 94% من إجمالي صافي أرباح شركات التأمين السعودية بنهاية عام 2024 والنصف الأول من عام 2025.
ويُعتبر سوق التأمين السعودي مجزأً نسبيًا، إذ يضم 25 شركة، إلا أن معظم الأرباح تتركز بين أكبر خمس شركات مشاركة والعديد من شركات التأمين المتوسطة والصغيرة، وبعضها ضعيف نسبيًا. وهذا على عكس أسواق التأمين الأوروبية، مثل المملكة المتحدة وهولندا وسويسرا، التي تتميز بنضجها وتماسكها، مع وجود عدد أقل من شركات التأمين مقارنةً بحجم السوق. في عام 2024، شكلت أكبر ثلاث وأكبر خمس شركات تأمين سعودية 65% و76% من إجمالي إيرادات السوق، على التوالي،. كما ساهمت الشركات الخمس الكبرى بنسبة 84% من إجمالي صافي أرباح القطاع في عام 2024. وفي النصف الأول من عام 2025، حققت هذه الشركات 117% من إجمالي أرباح القطاع، مما يشير إلى أن مكاسبها لم تغطي أرباح القطاع بأكمله فحسب، بل عوضت أيضًا الخسائر الكبيرة التي تكبدتها الشركات الأصغر.






