في وقت تتسارع فيه وتيرة التحول في صناعة التأمين العالمية، وتتعاظم فيه التحديات الناتجة عن المخاطر الجديدة والتقنيات الناشئة، يسلّط تقرير بريطاني حديث الضوء على دور وسطاء التأمين المتخصصين بوصفهم المحرك الخفي لعجلة الابتكار في القطاع.
فبينما تركّز الأنظار غالبًا على شركات التأمين ومقدمي رأس المال، تكشف الدراسة أن الوسطاء هم من يقفون في الخطوط الأمامية لتصميم الحلول الإبداعية للمخاطر المستقبلية، رغم أن مساهماتهم لا تزال غير مفهومة أو مُقدّرة بالقدر الكافي داخل الصناعة وخارجها.
وأشار التقرير الصادر عن رابطة وسطاء التأمين في لندن والأسواق الدولية (LIIBA) إلى أن الوسطاء يلعبون دورًا محوريًا في تعزيز استجابة الصناعة للمخاطر الناشئة، في وقت تتسع فيه فجوة الحماية العالمية لتصل إلى 2.5 تريليون دولار.
وقال كريستوفر كروفت، الرئيس التنفيذي للرابطة ومؤلف التقرير: “الوسطاء المتخصصون ليسوا مجرد وسطاء بين العميل وشركة التأمين، بل هم مهندسو حلول لمخاطر المستقبل”.
وأوضح التقرير أن العديد من العملاء لا يزالون يقيّمون الوسطاء بناءً على التكلفة فقط، فيما أقرّ 41% من شركات التأمين أنهم لا يفهمون طبيعة عمل الوسطاء سوى “بشكل جزئي”، وترتفع هذه النسبة إلى 66% بين مديري المخاطر.
ودعا التقرير إلى تعزيز وعي الجهات التنظيمية والجمهور بقيمة الدور الابتكاري للوسطاء، مؤكدًا أن “القواعد التنظيمية والثقافية الحالية قد تُقيد قدرة الوسطاء على مواكبة التغيرات السريعة في الصناعة”.
ومن بين أبرز التحديات التي حددها التقرير: تجزئة البيانات، محدودية رأس المال المخصص للمخاطر الجديدة، والأطر التنظيمية القديمة التي صُممت لأسواق التجزئة، إضافة إلى القيود على تراخيص الممارسة العالمية.
كما أشار إلى أن ضعف ثقافة التجريب وقلة التسامح مع الفشل يحدان من الابتكار، موضحًا أن “عمولة الوسيط تُعامل غالبًا كتكلفة توزيع، بينما هي في جوهرها استثمار في البحث والتطوير”.
وحث التقرير الجهات الرقابية على توسيع بيئات الصناديق التجريبية (Regulatory Sandboxes) لتجريب الحلول الجديدة تحت إشراف منظم، وتحديث أطر الترخيص لتواكب التطورات الرقمية.
كما دعا شركات التأمين ومقدمي رؤوس الأموال إلى تأسيس صناديق ابتكار لدعم تطوير حلول المخاطر المستجدة، والاعتراف باستثمارات الوسطاء في البيانات والتحليل والتصميم كجهود بحث وتطوير حقيقية.
واختتم التقرير بالتأكيد على ضرورة أن تستلهم صناعة التأمين تجارب قطاع التكنولوجيا عبر تسريع دورات المراجعة، وتبني التصميمات المعيارية للمنتجات، ورفع سقف التجريب والابتكار.
