إعادة التأمين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تتحدى التقلبات الاقتصادية والجيوسياسية

بوابة التأمين - وكالات

في خضم التحديات العالمية المستمرة، من تقلبات اقتصادية ومخاطر جيوسياسية متصاعدة، تُظهر أسواق إعادة التأمين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA) قوة ملحوظة في النمو والثبات. ويعود هذا الأداء الإيجابي، حسب تقرير صادر عن وكالة التصنيف الائتماني «إيه إم بيست» (AM Best)، إلى مرونة الشركات الإقليمية وتنامي سوق التأمين الأساسي.

ما هي إعادة التأمين ولماذا هي مهمة؟

تُمثل إعادة التأمين آلية محورية حيث تنقل بموجبها شركات التأمين الأصلية جزءاً من التزاماتها ومخاطرها إلى شركات إعادة تأمين متخصصة. الهدف هو توزيع المخاطر، تدعيم الاستقرار المالي للقطاع، والحد من تأثير الخسائر الكبيرة على الميزانيات الفردية. هذه الآلية أساسية لضمان استدامة ومرونة صناعة التأمين، خاصة في مواجهة الكوارث الطبيعية والأزمات الاقتصادية، مما يمكّن شركات التأمين من التوسع في تغطيتها دون تعريض نفسها لمخاطر مالية غير محتملة.

نمو مدعوم بتسعير منضبط

سجلت أسواق إعادة التأمين في عام 2024 نمواً كبيراً في الإيرادات، مدفوعاً بالتضخم الاقتصادي، وارتفاع متواصل في أسعار إعادة التأمين، وضرورة الإسنادات الإلزامية. لا تزال المنطقة تتمتع بقدرة استيعابية وافية ومتنوعة للمخاطر، نتيجة مشاركة لاعبين عالميين وإقليميين، إضافة إلى مؤسسات ناشطة في آسيا وإفريقيا، ما يدعم تنويع المخاطر واستقرار السوق.

وفي سياق مواجهة الزيادة في خسائر الكوارث الطبيعية في السنوات الأخيرة، عملت شركات إعادة التأمين الإقليمية على تحسين أدواتها في التسعير والنمذجة. ويظل السوق يتمتع بتسعير قوي ومتماسك نتيجة بيئة اكتتاب أكثر انضباطاً وارتفاع تكاليف التعويضات الناتجة عن الكوارث الطبيعية والحوادث، ما يشير إلى إدارة أفضل للمخاطر.

تحديات متباينة وآفاق إيجابية

أشارت «إيه إم بيست» إلى أن عوامل مثل التسعير الملائم، الانضباط في الاكتتاب، والإدارة الفعالة للمخاطر، ما زالت تعمل لصالح شركات إعادة التأمين في المنطقة.

ومع ذلك، تبرز تحديات اقتصادية محلية وتوترات جيوسياسية كعوامل ضغط رئيسية على الأداء، خاصة مع تقلبات أسعار النفط، وارتفاع التضخم، وتزايد حدة الكوارث الطبيعية. وقد أدى التصاعد الملحوظ في المخاطر الجيوسياسية مطلع عام 2025 إلى ارتفاع في تقييمات مخاطر الدول على الشركات العاملة بالقطاع.

وفي المقابل، ساهمت المبادرات الحكومية لبرامج التأمين ضد الكوارث في دول مثل تركيا والمغرب والجزائر في تقليص الفجوات التأمينية وتعزيز نتائج الاكتتاب من خلال الإسنادات الإلزامية.

تختلف الظروف الاقتصادية بشكل واضح بين دول المنطقة؛ فبينما تواجه دول مثل مصر وتونس ولبنان تحديات اقتصادية قاسية، تستفيد الاقتصادات النفطية من زيادة الإنفاق الحكومي بفضل ارتفاع أسعار الخام.

النفط والتكافل يدعمان المشهد

ن استقرار أو ارتفاع أسعار النفط يخدم النمو الاقتصادي الإقليمي، وهو ما ينعكس بشكل إيجابي على نشاط التأمين وإعادة التأمين. لكن التقرير حذر من أن أي تقلبات حادة في أسعار النفط مستقبلاً قد تؤثر سلباً على الأداء المالي للشركات.

كما رصد التقرير طلباً متزايداً على منتجات إعادة التأمين التكافلي الإسلامي، مدفوعاً بتوسع شركات التأمين التكافلي، ما دفع العديد من الشركات التقليدية إلى إطلاق نوافذ تكافلية لتلبية هذا الاتجاه الصاعد نحو التمويل الإسلامي.

واختتمت «إيه إم بيست» تأكيدها على أن الطلب على التكافل لا يزال قوياً رغم التحديات، وأن الفرص المستقبلية واعدة للشركات القادرة على التكيف والابتكار. وشددت الوكالة على أن الالتزام بالإدارة الكفؤة للمخاطر والانضباط المالي هو العنصر الحاسم لتعزيز مكانة شركات إعادة التأمين الإقليمية في الساحة العالمية.

ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *